هذه الأمة أقوى إيمانًا ويقينا

اعداد: الشيخ عصام حسن - طرعان
آخر تحديث 09/01/2012 15:57

عَنْ بَكْرٍ المُزَنِيِّ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ فِي بَنِي إِسْرَائِيْلَ إِذَا بَلَغ المَبْلَغَ، فَمَشَى فِي النَّاسِ، تُظِلُّهُ غَمَامَةٌ وشَاهِدُهُ أَنَّ اللهَ قَالَ: (وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الغَمَامَ) [البَقَرَةُ: 57، الأَعْرَافُ: 159]، فَفَعَلَ بِهِم تَعَالَى ذَلِكَ عَامًا، وَكَانَ فِيْهِمُ الطَّائِعُ وَالعَاصِي، فَنَبِيُّنَا -صَلَوَاتُ اللهُ عَلَيْهِ- أَكْرَمُ الخَلْقِ عَلَى رَبِّهِ، وَمَا كَانَتْ لَهُ غَمَامَةُ تُظِلُّهُ، وَلاَ صَحَّ ذَلِكَ، بَلْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمَّا رَمَى الجَمْرَةَ، كَانَ بِلاَلٌ يُظِلُّهُ بِثَوْبِهِ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ، وَلَكِنْ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيْلَ الأَعَاجِيْبُ وَالآيَاتُ، وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ خَيْرَ الأُمَمِ، وَإِيْمَانُهُم أَثْبَتَ، لَمْ يَحْتَاجُوا إِلَى بُرْهَانٍ، وَلاَ إِلَى خَوَارِقَ، فَافْهَمْ هَذَا، وَكُلَّمَا ازْدَادَ المُؤْمِنُ عِلْمًا وَيَقِيْنًا، لَمْ يَحْتَجْ إِلَى الخَوَارِقِ، وَإِنَّمَا الخَوَارِقُ لِلضُّعَفَاءِ، وَيَكْثُرُ ذَلِكَ فِي اقْتِرَابِ السَّاعَةِ.

الحزن على وجهين
قال حاتم الأصم: الحزن على وجهين: حزن لك، وحزن عليك؛ فأما الذي عليك: فكل شيء فاتك من الدنيا فتحزن عليه، فهذا عليك؛ وكل شيء فاتك من الآخرة، وتحزن عليه؛ فهو لك؛ تفسيره: إذا كان معك درهمان، فسقطا منك، وحزنت عليهما، فهذا حزن للدنيا؛ وإذا خرجت منك زلة، أو غيبة، أو حسد، أو شيء مما تحزن عليه وتندم، فهو لك.

داء ودواء
قال الإمام الذهبي: رَوَى مِسْعَرٌ بن كدام، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: ذِكْرُ النَّاسِ دَاءٌ، وَذِكْرُ اللهِ دَوَاءٌ.
قُلْتُ: إِيْ وَاللهِ، فَالعجَبُ مِنَّا، وَمِنْ جَهلِنَا، كَيْفَ نَدَعُ الدَّوَاءَ، وَنقتحِمُ الدَّاءَ؟! قَالَ اللهُ تَعَالَى: (فَاذْكُرُوْنِي أَذْكُرْكُمْ) [البَقَرَةُ: 153]، (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) [العَنْكَبُوْتُ: 46]، وَقَالَ: (الَّذِيْنَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوْبُهُم بِذِكْرِ اللهِ، أَلاَ بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ القُلُوْبُ) [الرَّعْدُ: 29]، وَلَكِنْ لاَ يَتَهَيَّأُ ذَلِكَ إِلاَّ بِتوفِيْقِ اللهِ، وَمَنْ أَدْمَنَ الدُّعَاءَ، وَلاَزَمَ قَرْعَ البَابِ، فُتِحَ لَهُ.

علمت فما عملت
كان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول: إن أشد ما أخاف على نفسي يوم القيامة أن يقال لي: يا أبا الدرداء، قد علمت، فكيف عملت فيما علمت؟ وكان يقول: لو تعلمون ما أنتم لاقون بعد الموت لما أكلتم طعاما على شهوة، ولا شربتم شرابا على شهوة، ولا دخلتم بيتا تستظلون فيه، ولخرجتم إلى الصعدات تضربون صدوركم، وتبكون على أنفسكم، ولوددت أني شجرة تعضد ثم تؤكل.

أخوف الناس من ربه
قال المغيرة بن حكيم - رحمه الله: قالت لي فاطمة بنت عبد الملك: يا مغيرة، قد يكون من الرجال من هو أكثر صلاة وصياما من عمر، ولكني لم أر من الناس أحدا قط كان أشد خوفا من ربه من عمر، كان إذا دخل البيت ألقى نفسه في مسجده، فلا يزال يبكي ويدعو حتى تغلبه عيناه، ثم يستيقظ فيفعل مثل ذلك ليلته أجمع".

الدنيا دار بلاء
عن محمد بن معاوية الأزرق قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى الحسن البصري: عظني وأوجز. فكتب إليه الحسن: إنَّ رأس ما هو مصلحك ومصلح به على يديك الزهد في الدنيا، وإنما الزهد باليقين، واليقين بالتفكر، والتفكر بالاعتبار، وإذا أنت فكرت في الدنيا لم تجدها أهلًا أن تبيع بها نفسك، ووجدت نفسك أهلا أن تكرهها بهوان الدنيا، فإن الدنيا دار بلاء ومنزل قلعة.

اللهم احفظ لإبراهيم هذا اليوم
مر أحد الصناع بمجلس إبراهيم بن أدهم ولم يسلم!.
فقال إبراهيم لرجل معه: أدركه، فقل له: مالك لم تسلم؟!.
فقال: إن امرأتي وضعت، وليس عندي شيء، فخرجت شبه المجنون.
فرجع فأخبر إبراهيم بذلك... فقال: إنا لله؛ كيف غفلنا عن صاحبنا؟!.
ثم أرسل الرجل إلى السوق لشراء ما يصلح، وأرسل به إلى بيت الصانع...
فقالت امرأته: اللهم احفظ لإبراهيم بن أدهم هذا اليوم.

كل شيء تغير بلحظة
يروي صاحب كتاب "العادات السبع للقادة الإداريين" قصة جرت معه فيقول: أذكر تبدلا نمطيا محدودا تعرضت له صبيحة يوم أحد في نفق في نيويورك، كان الناس يجلسون بهدوء... بعضهم يقرأ صحيفة، وبعضهم سارح بأفكاره، والبعض الآخر يستريح مغمض العينين، كان منظرا هادئا ومسالما، ثم فجأة دخل رجل مع أولاده النفق... وكان الأولاد على درجة من الفوضى والمشاكسة، بحيث تغير الجو كله على الفور.
جلس الرجل إلى جانبي وأغلق عينيه، متجاهلا كل ما يحدث. كان الأطفال يركضون جيئة وذهابا، ويقذفون بالأشياء، ويختطفون حتى الصحف من أيدي الناس، وكان الأمر في غاية الإزعاج. ومع ذلك لم يفعل الرجل الجالس إلى جانبي شيئا، كان من الصعب ألا يشعر المرء بالتوتر، ولم أستطع أن أصدق أن يكون هذا الشخص عديم الإحساس، بحيث يترك أولاده يتصرفون على هواهم دون أن يفعل شيئا أو يتحمل أية مسؤولية، وكان من السهل أن ترى التوتر وقد سيطر على كل شخص في النفق. وفي النهاية التفتُّ إليه وقلت بعد صبر وكبت غير عادي لمشاعري: "سيدي؛ إن أولادكَ يزعجون العديد من الناس فعلا، وأتساءل إن كان في إمكانك ضبطهم قليلا؟".
فتح الرجل حدقتيه كأنه يعي الموقف لأول مرة وقال بنعومة: "آه أنت على حق، أعتقد أن عليّ أن أفعل شيئا... لقد عدنا لتونا من المشفى حيث توفيت أمهم قبل حوالي ساعة، ولا أعرف ما أفعل، وأعتقد أنهم لا يعرفون كيف يتقبلون الأمر أيضا. هل تستطيع أن تتصور شعوري في تلك اللحظة؟!.
تبدل نمطي السلوكي وأصبحت أرى الأمور بشكل مختلف فورا، ولأن رؤيتي اختلفت أصبحت أفكر بطريقة مختلفة، وأشعر بطريقة مختلفة، وأتصرف بطريقة مختلفة، فقد تلاشى توتري ولم أعد أفكر في السيطرة على موقفي أو تصرفي، وامتلأ قلبي بألم الرجل، وتدفقت مشاعر التعاطف والإشفاق. توفيت زوجتك للتو؟!، آنا آسف!، هل تستطيع أن تخبرني عما حدث؟، ماذا أستطيع أن أفعل لمساعدتك؟.

إن هذا هو الرجعية
يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله: لقد قصر النساء الملاءة أصبعًا أصبعًا، حتى خرجن سافرات بالأكمام اليابانية، وحتى اختلط في الجامعات الفتيات المسلمات، بنات الصالحين، بالشباب الأجانب. فلنرجع إلى الصلاح خطوة خطوة وأصبعًا أصبعًا. ولا تلقوا بالًا لمن يقول إنها "رجعية"، فإن هذا التكشف هو الرجعية، لأن الناس ولدوا متكشفين، وكانوا كذلك في فجر البشرية، ثم تحضروا فاستتروا. فالذي يدعو إلى التكشف هو الرجعي، وكل حمير الدنيا عراة مُباح (في عرفهن الحماري) العري والاختلاط!
وإنما يمتاز البشر بالتصون والتستر والعفاف.

صاحبنا أم صاحبكم
قال ابن أبي حاتم في تقدمة الجرح والتعديل: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: سمعت الشافعي يقول: قال لي محمد بن الحسن: أيهما أعلم! صاحبنا أم صاحبكم - يعنى أبا حنيفة ومالك بن أنس؟
قلت: على الإنصاف؟!
قال: نعم!
قلت: فأنشدك الله: من أعلم بالقرآن: صاحبنا أو صاحبكم؟
قال: صاحبكم - يعنى مالكا.
قلت: فمن أعلم بالسنة: صاحبنا أو صاحبكم؟
قال: اللهم صاحبكم!
قلت: فأنشدك الله: من أعلم بأقاويل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمتقدمين: صاحبنا أو صاحبكم؟
قال: صاحبكم.
قال الشافعي: فقلت: لم يبق إلا القياس!
والقياس لا يكون إلا على هذه الأشياء!!
فمن لم يعرف الأصول فعلى أي شيء يقيس؟!

الفأرة والجمل
قال ابن القيم رحمه الله:
فـــأرة رأت جملًا.. فأعجبها!
فجرّت خطامه.. فتبعها!
فلما وصلت إلى باب بيتها
وقف الجمل فنادى بلسان الحال: إما أن تتخذي دارًا تليق بمحبوبك، أو تتخذي محبوبًا يليق بدارك!!
قال ابن القيم بعد هذا الموقف: وأنت إما أن تصلي صلاة تليق بمعبودك، أو تتخذ معبودًا يليق بصلاتك!

لا يستطاع العلم براحة الجسد
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم -رحمه الله: كنا بمصر سبعة أشهر، لم نأكل فيها مرقة، كل نهارنا مقسم لمجالس الشيوخ، وبالليل: النسخ والمقابلة.
قال: فأتينا يوما أنا ورفيق لي شيخا، فقالوا: هو عليل، فرأينا في طريقنا سمكة أعجبتنا، فاشتريناها، فلما صرنا إلى البيت، حضر وقت مجلس، فلم يمكنا إصلاحه، ومضينا إلى المجلس، فلم نَزَلْ حتى أتى عليه ثلاثة أيام، وكاد أن يتغير، فأكلناه نيئا، لم يكن لنا فراغ أن نعطيه من يشويه.
ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد.

الإمام الطبري وعلم العروض
قال إمام المفسرين أبو جعفر ابن جرير الطبري -رحمه الله: لما دخلت مصر لم يبق أحد من أهل العلم إلا لقيني وامتحنني في العلم الذي يتحقق به، فجاءني يومًا رجل، فسألنى عن شيء من العروض، ولم أكن نشطت
له قبل ذلك، فقلت له: عليّ قول أن لا أتكلم في شيء من العروض، فإذا كان في
غد فصر إلي، وطلبت من صديق لي كتاب "العروض" للخليل بن أحمد، فجاء به، فنظرت فيه ليلتي، فأمسيت غير عروضي وأصبحت عروضيًا.

اتباع في الشدة والرخاء
قال إبراهيم بن هانئ: اختفى عندي أحمد بن حنبل ثلاثة أيام، ثم قال: اطلب لي موضعًا حتى أتحول إليه؛ قلت: لا آمن عليك يا أبا عبد الله؛ قال: إذا فعلت، أفدتك؛ فطلبت له موضعًا؛ فلما خرج قال لي: اختفى رسول الله  في الغار ثلاثة أيام، ثم تحول؛ وليس ينبغي أن نتبع رسول الله  في الرخاء، ونتركه في الشدة.

أربع لك وثلاث عليك
عن مكحول قال: أربع من كن فيه كن له، وثلاث من كن فيه كن عليه، فأما الأربع اللاتي له: فالشكر والإيمان والدعاء والاستغفار؛ قال الله تعالى: (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وءامنتم)، وقال: (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون)، وقال: (ما يعبؤ بكم ربي لولا دعاؤكم)، وأما الثلاث اللاتي عليه: فالمكر والبغي والنكث؛ قال الله تعالى: (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه)، وقال: (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله)، وقال: (إنما بغيكم على أنفسكم).

الصدق في القلب
عن مالك بن دينار قال: إن الصدق يبدو في القلب ضعيفًا، كما يبدو نبات النخلة: يبدو غصنًا واحدًا، فإذا نتفها صبي ذهب أصلها، وإن أكلتها عنز ذهب أصلها؛ فتسقى، فتنتشر، وتسقى فتنتشر؛ حتى يكون لها أصل أصيل يوطأ، وظل يستظل به، وثمرة يؤكل منها؛ كذلك الصدق؛ يبدو في القلب ضعيفًا، فيتفقده صاحبه، ويزيده الله تعالى، ويتفقده صاحبه؛ فيزيده الله؛ حتى يجعل الله بركة على نفسه، ويكون كلامه دواء للخاطئين؛ قال: ثم يقول مالك: أما رأيتموهم؟ ثم يرجع إلى نفسه، فيقول: بلى والله، لقد رأيناهم: الحسن، وسعيد بن جبير، وأشباههم؛ الرجل منهم: يحيي الله بكلامه الفئام من الناس.

أضف تعقيب

ارسل

تعليقات


أذهب للأعلى