احتفلت بلدة عيلوط عصر يوم الخميس قبل الماضي، الخامس من الشهر الجاري باستقبال ابنتها الأسيرة المحررة خديجة كامل أبو عيّاش (45 سنة) التي أمضت خلف قضبان الأسر ثلاث سنوات تصارع فيه مع شقيقاتها الأسيرات الفلسطينيات ظلم السجان وقهر البعد عن الأهل والأحباب..
خديجة أبو عياش قصة تمثل كلّ أسيرة عاشت الأسر الإسرائيلي، اعتقلت وفارقت الأحبة، توفي أبوها وهي في السجن وحرمت من رؤيته وتوديعه، كما حرمت من زيارات زوجها وأشقائها وأقاربها.
اعتقلت في 3/1/2009 على خلفية ضرب مستوطن على رأسه بواسطة مطرقة (شاكوش) في مدينة عراد في منطقة بئر السبع في النقب، تأثرا بمشاهد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في حرب الفرقان، وبعد سنة من المداولات وجلسات المحاكم فُرض عليها حكما بالسجن لمدة 3 سنوات بعد أن أدينت بالتهم المذكورة، انتهت الخميس الماضي وعانقت شمس الحرية من جديد.
يشار إلى أنّ الأسيرة المحررة خديجة كايد أبو عياش من بلدة عيلوط متزوجة في كسيفة في النقب، ولدى خروجها من الأسر جاءت إلى بيت أهلها في عيلوط حيث ستعود إلى بيت زوجها لتكمل حياتها في النقب الصامد.
قصّة الاعتقال
وفي لقاء خاص مع "صوت الحق والحرية" حول رحلتها خلف قضبان السجون، تقول: كان ذلك في الساعة الثامنة والنصف صباحا عندما خرجتُ يوم 3/1/2009 من بيتي إلى مدينة عراد في النقب وكنت أخبئ معي شاكوشا (مطرقة) قد غلفته بصفحة من جريدة ووضعته في كيس نايلون، خرجت إلى الشارع فوجدت حارسا يهوديا فضربته به، وهربت إلى أن أتت الشرطة بقواتها واعتقلتني مباشرة".
وأضافت أبو عياش: "نُقلت إلى مركز الشرطة للتحقيق، الذي استمرّ من التاسعة صباحا إلى العاشرة مساءً تحت الضغط النفسي، بعد ذلك نقلت إلى الاعتقال، كانت المعاملة سيئة جدا حين وصولي فقد كان الجو باردا ولم يعطوني أيّة ملابس ولا أغطية للنوم، وبعد أسبوعين نقلوني إلى سجن الرملة لوحدي ووضعوني في زنزانة ضيّقة كانت عبارة عن غرفة صغيرة للنوم وقضاء الحاجة معا، وبعد مرور شهر أرسلوني إلى سجن الشارون صباحا، إلى أن وضعت في قسم النّساء في الساعة الثالثة عصرا".
وحول ظروف التحقيق تقول: "كانت الجلسة الواحدة تستمر عدة لساعات، وكانوا يوقعوني تحت الضغط النفسي ويسألوني: لماذا ضربتِ الحارس اليهودي بالذات وقد كان هناك حارس عربي؟ لماذا لم تؤذيه!؟ إلا أنني لم أتأثر من أسلوبهم، فقد فعلت ما فعلت جراء الجرائم التي ارتكبوها في غزة ".
وتابعت: "في النهاية نقلت إلى سجن بئر السبع، وبعد سنة من التحقيق صدر الحكم بأسري ثلاث سنوات، وبعد الحكم جالست أسيرات ملتزمات خلال فترة الاعتقال، اضطررت للتأقلم مع الظروف الصعبة، إلا أنّ ذلك كان صعبا على أهلي فالذين تأثروا كثيرا وعانوا وتعبوا كثيرا معي".
وأردفت: "حرمتنا إدارة السجون من أبسط الحقوق الإنسانية، فلم يسمحوا بزيارة أهلي لي ومنعوني من رؤيتهم إلا بعد معاناة ، منعوني من رؤية أبي أو التكلم معه هاتفيا إلا مرة واحدة تكلمت فيها معه قبل وفاته، وكذلك الأمر مع إخوتي، إلا أن أخي عبدالله زارني مرة واحدة لمدّة قصيرة جدا تقارب الربع ساعة فقط!، وأخي محمد زارني مرتين وتكلّمتُ مرّة هاتفيا مع زوجي، حاولت تقديم تقرير طبّي لأمي، فطال الأمر مدّة خمسة اشهر وباء بالفشل، وفي تاريخ 30/7/2011 توفيّ أبي ولم أستطع رؤيته، وكذلك توفي ابن عمي، وقد علمتُ بخبر وفاته من الإذاعة، كانت حياتنا عادية من دون تغيّرات، نقوم ونصلّي ثم يحصون عددنا ويتفحصون الممتلكات والشبابيك، كنا نفتقد الراحة والنوم من كثرة ترددّهم علينا".
معاناة يومية
تقول أبو عياش: "الزنزانة في سجن الرملة كانت ضيقة، فهي غرفة نوم وحمام لقضاء الحاجة معا، والحمام كان مكشوفا وكنّا نُمنَع من ستره حتى بقطعة قماش! كانت طريقة المعيشة ومعاملتهم صعبة، حتى أنّه إذا أرادت إحدانا استعمال حنفية الماء تفيض المياه داخل الغرفة أو الحمام".
وحول صفقة وفاء الأحرار قالت: "بعد إتمام صفقة وفاء الأحرار أصبنا بخيبة أمل، فقد كنا قد تحضرنا للخروج وحضرنا أمتعتنا على أمل الخروج، وذلك بعد المفاوضات التي جرت والإفراج عن أسيرات المؤبدات وبقينا نحن في الأسر، مع العلم أنّه كنا نسمع تصريحات عن تبييض السجون من الأسيرات، وقد شمل ذلك أسيرات الضفة وغزّة والقدس فقط ولم يشمل أية أسيرة من الداخل. وقد تأثرنا كثيرا وبكينا كثيرا. وأستغرب كيف أنّ المؤسسة الإسرائيلية عند المفاوضات تعتبرنا إسرائيليات وعند حدوث أي شيء أمني تعتبرنا فلسطينيات".
رسالة من الأسيرات
وأعربت أبوعياش عن تخوفها من قيام إدارة السجون الإسرائيلية بنقل الأسيرات المتبقيات مع الجنائيات الإسرائيليات، وهو ما يشكل خطرا كبيرا على حياتهن، مطالبة الجانب المصري ببذل كل الجهود الممكنة من أجل إطلاق سراحهن.
وحملت أبو عياش رسالة من الأسيرات من أجل الضغط على المفاوض المصري والمفاوض الإسرائيلي للإفراج عنهن، وعدم نقلهنّ مع الجنائيات الإسرائيليات.
وفي الختام شكرت الأسيرة المحرّرة أبو عياش صحيفة "صوت الحق والحرية" وقالت: "ادعو الله أن يفرّج عن جميع الأسيرات كربتهن، وأناشد الجميع بالاهتمام بأمرهن بسبب صعوبة الأوضاع وحالة الخطر التي تعيشها الأسيرات، فهؤلاء الأسيرات هن بناتنا وأخواتنا، تُلقى على عاتقنا المسؤولية والأمانة في رقابنا، لذلك يجب أن لا ننساهن وأن لا ندعهن يصارعن تحت رحى الزنازين، كما أناشد الضمائر الحية بالمسارعة إلى مساعدتهن والعمل على فك أسرهن".
أضف تعقيب