الجمع لعذر المطر (2)

المجلس الاسلامي للافتاء
آخر تحديث 19/01/2012 09:34

بسم الله الرحمن الرحيم


جمع المقيم للحاجة

س: هل يجوز للمقيم أن يجمع للحاجة؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الأمين وعلى آله وأصحابه الطاهرين وبعد:
يجوز الجمع للمقيم إذا وجدت حاجة شريطة ألا يتخذ المرء ذلك ديدنا له وعادة. وهذا مذهب أشهب من المالكية وابن سيرين. ورجحه صاحب الذخيرة.
ويعضد ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ سَفَرٍ. قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ فَسَأَلْتُ سَعِيدًا لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ: أَرَادَ أَنْ لاَ يُحْرِجَ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ.{رواه مسلم}. وفي رواية عند مسلم أيضا:"في غير خوف ولا مطر".
قال النووي في المجموع(4/378):"وجوزه ابن سيرين لحاجة أو ما لم يتخذه عادة".
جاء في الذخيرة(2/374):"فرع هل يجوز الجمع بغير سبب حكى المازري المنع لابن القاسم والجواز لأشهب بناء على الاشتراك في الوقت ويعضده حديث ابن عباس جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين من غير خوف ولا سفر. ويروى من غير خوف ولا مطر. قال ابن عباس أراد ألا يحرج أمته... وقد جنح ابن القاسم إلى قوله في المجموعة فقال من جمع بين المغرب والعشاء من غير مرض أعاد أبدا. لنا ما في الموطأ أنه عليه السلام صلى الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف ولا سفر. قال مالك: أرى ذلك في المطر. وخرج مسلم: ولا مطر".
ومن مسوغات الجمع للحاضر المقيم كجمع العروسين يوم عرسهما ومن عنده امتحان طويل يستغرق وقت الصلاة كامتحانات البسيخومتري، وجراح عنده عملية تستغرق وقت الصلاة ونحو ذلك.

الجمع للمنفرد في المسجد

س: هل يجوز للمنفرد أن يجمع في المسجد؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الأمين وعلى آله وأصحابه الطاهرين وبعد:
يجوز الجمع للمنفرد في المسجد لعذر المطر؛ لأن العذر قائم وهو المطر فاستوى في ذلك الجماعة والفرد. ولأن من جاء إلى المسجد فوجد الناس قد فرغوا من صلاتهم يأخذ أجر الجماعة حكما فنعامله معاملة الجماعة أصلا. قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج عامداً إلى المسجد فوجد الناس قد صلوا كتب الله له مثل أجر من حضرها ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً".{صحيح. رواه أبو داود والنسائي والحاكم. انظر: صحيح وضعيف سنن أبي داود للألباني(2/64)}. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع دون سبب خوف ولا مطر ولا سفر لكي لا يشق على أمته، ومبنى الشريعة على اليسر والسماحة، وهذا الاختيار يتلاءم مع مقصد الشريعة العام بالتخفيف والتيسير على المكلفين ما وسع الدليل. وهذا مذهب الحنابلة وبعض الشافعية.
{انظر: المجموع شرح المهذب(4/374)، ابن قدامة في المغني(4/60)}
قال ابن قدامة في المغني(4/60):"فَصْلٌ: هَلْ يَجُوزُ الْجَمْعُ لِمُنْفَرِدٍ، أَوْ مَنْ كَانَ طَرِيقُهُ إلَى الْمَسْجِدِ فِي ظِلَالٍ يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَطَرِ إلَيْهِ، أَوْ مَنْ كَانَ مُقَامُهُ فِي الْمَسْجِدِ؟ ...{الجواب} الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ الْعُذْرَ إذَا وُجِدَ اسْتَوَى فِيهِ حَالُ وُجُودِ الْمَشَقَّةِ وَعَدَمِهَا، كَالسَّفَرِ، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ الْعَامَّةَ إذَا وُجِدَتْ أَثْبَتَتْ الْحُكْمَ فِي حَقِّ مَنْ لَيْسَتْ لَهُ حَاجَةٌ، كَالسَّلَمِ، وَإِبَاحَةِ اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِمَا، وَلِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ فِي الْمَطَرِ، وَلَيْسَ بَيْنَ حُجْرَتِهِ وَالْمَسْجِدِ شَيْءٌ...".
وجاء في الشرح الكبير لابن قدامة(2/119):"وهل يجوز الجمع لمنفرد أو لمن طريقه تحت ساباط ( سقف ) يمنع وصول المطر إليه، أو من كان مقامه في المسجد... على وجهين: أحدهما الجواز. قال القاضي: وهو ظاهر كلام احمد".
وننبه في هذا المقام إلى أن الصلاة في المسجد مع الإمام الراتب من أفضل الأعمال التي ينبغي للمسلم الحرص عليها، فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أي الأعمال أفضل، فقال: الصلاة لوقتها وبر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله".{رواه البخاري ومسلم}. وكلما كثر عدد المصلين في الجماعة كان الأجر أعظم، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى".{صحيح. رواه أبو داود والنسائي. انظر: صحيح وضعيف الجامع الصغير للألباني(9/452)}.

الجمع لجار المسجد

س: هل يجوز لجار المسجد أن يجمع؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الأمين وعلى آله وأصحابه الطاهرين وبعد:
يجوز الجمع لجار المسجد ومن يسير إليه دون أن يتأذ كمن يسير تحت سقف أو في سوق مغطى أو سيارة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع وبيته ملتصق بالمسجد ولو كان الجمع باطلا لما فعل. وهذا مذهب المالكية والحنابلة وبعض الشافعية.
والقول بان بيوت أزواجه صلى الله عليه وسلم تسعة وكانت مختلفة منها بيت عائشة بابه إلى المسجد ومعظمها بخلاف ذلك فلعله صلى الله عليه وسلم في حال جمعه لم يكن في بيت عائشة، فهذا ادعاء يحتاج إلى دليل. والأصل التزام الخبر كما جاء.
{انظر: الشرح الكبير(1/371)، النووي في المجموع(4/381)}
جاء في حاشية الدسوقي(3/425):" ( وَ ) جَازَ الْجَمْعُ ( لِمُعْتَكِفٍ ) وَمُجَاوِرٍ ( بِمَسْجِدٍ ) تَبَعًا لَهُمْ".
وجاء في الشرح الكبير لابن قدامة(2/119):"وهل يجوز الجمع لمنفرد أو لمن طريقه تحت ساباط(سقف) يمنع وصول المطر إليه، أو من كان مقامه في المسجد... على وجهين: أحدهما الجواز.
قال القاضي: وهو ظاهر كلام احمد لان الرخصة العامة يستوي فيها حال وجود المشقة وعدمها كالسفر وكإباحة السلم في حق من ليس له إليه حاجة ... وقد روي أنه عليه السلام جمع في مطر وليس بين حجرته ومسجده شيء...".

حكم صلاة الوتر والسنن بعد جمع التقديم بين المغرب والعشاء

س: هل يجوز لمن جمع بين المغرب والعشاء أن يصلي الوتر مباشرة؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الأمين وعلى آله وأصحابه الطاهرين وبعد:
يجوز أداء السنن والوتر بعد الجمع بين المغرب والعشاء مباشرة. وهو مذهب الشافعية والحنابلة.
قال الشربيني في الإقناع(1/146):"إذا جمع الظهر والعصر صلى سنة الظهر ثم سنة العصر وفي جمع العشاء والمغرب يصلي الفريضتين ثم سنة المغرب ثم سنة العشاء ثم الوتر".
وجاء في المغني(4/75):"فَصْلٌ: وَإِذَا جَمَعَ فِي وَقْتِ الْأُولَى، فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ سُنَّةَ الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا، وَيُوتِرُ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ سُنَّتَهَا تَابِعَةٌ لَهَا، فَيَتْبَعُهَا فِي فِعْلِهَا وَوَقْتِهَا، وَالْوِتْرُ وَقْتُهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَقَدْ صَلَّى الْعِشَاءَ فَدَخَلَ وَقْتُهُ".
فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تكون صلاة الوتر بعد العشاء ولم ينص على أنه يجب أن تكون بعد عشاء صحيحة أي بعد دخول وقت العشاء. فعن أبي تميم الجيشاني رضي الله عنه أن عمرو بن العاص خطب الناس يوم جمعة فقال: إن أبا بصرة حدثني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إن الله زادكم صلاة، وهي الوتر فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر){رواه أحمد بإسناد صحيح}. وعن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً"{متفق عليه}.

والله تعالى أعلم
المجلس الإسلامي للإفتاء
11 صفر 1433هـ الموافق: 5/1/2012
 

أضف تعقيب

ارسل

تعليقات


أذهب للأعلى