الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
خامسًا:
أ. الأصل في التذكية الشرعية أن تكون بدون تدويخ للحيوان، لأن طريقة الذبح الإسلامية بشروطها وآدابها هي الأمثل، رحمة بالحيوان وإحسانًا لذبحته وتقليلًا من معاناته، ويُطلب من الجهات القائمة بالذبح أن تطور وسائل ذبحها بالنسبة إلى الحيوانات الكبيرة الحجم بحيث تحقق هذا الأصل في الذبح على الوجه الأكمل.
ب. مع مراعاة ما هو مبين في البند (أ) من هذه الفقرة، فإن الحيوانات التي تذكى بعد التدويخ ذكاة شرعية يحل أكلها إذا توافرت الشروط الفنية التي يتأكد بها عدم موت الذبيحة قبل تذكيتها، وقد حددها الخبراء في الوقت الحالي بما يلي:
1. أن يُطبَّق القطبين الكهربائيين على الصدغين أو في الاتجاه الجبهي-القذالي (القفوي).
2. أن يتراوح الفولطاج ما بين 100-400 فولط.
3. أن تتراوح شدة التيار ما بين 0,75 إلى 1,0 أمبير بالنسبة إلى الغنم، وما بين 2 إلى 2,5 أمبير بالنسبة إلى البقر.
4. أن يجري تطبيق التيار الكهربائي في مدة تتراوح ما بين 3 إلى 6 ثوان.
ت. لا يجوز تدويخ الحيوان المراد تذكيته باستعمال المسدس ذي الإبرة الواقذة أو بالبلطة أو بالمطرقة، ولا بالنفخ على الطريقة الإنجليزية.
ث. لا يجوز تدويخ الدواجن بالصدمة الكهربائية، لما ثبت بالتجربة من إفضاء ذلك إلى موت نسبة غير قليلة منها قبل التذكية.
ج. لا يحرم ما ذكي من الحيوانات بعد تدويخه باستعمال مزيج ثاني أكسيد الكربون مع الهواء أو الأوكسجين أو باستعمال المسدس ذي الرأس الكروي بصورة لا تؤدي إلى موته قبل تذكيته.
سادسًا: على المسلمين المقيمين في البلاد غير الإسلامية أن يسعوا بالطرق القانونية للحصول على الإذن لهم بالذبح على الطريقة الإسلامية بدون تدويخ.
سابعًا: يجوز للمسلمين الزائرين لبلاد غير إسلامية أو المقيمين فيها أن يأكلوا من ذبائح أهل الكتاب ما هو مباح شرعًا، بعد التأكد من خلوها مما يخالطها من المحرمات، إلا إذا ثبت لديهم أنها لم تُذَكَّ ذكاة شرعية.
ثامنًا: الأصل أن تتم التذكية في الدواجن وغيرها بيد المذكي، ولا بأس باستخدام الآلات الميكانيكية في تذكية الدواجن ما دامت شروط التذكية الشرعية المذكورة في الفقرة "ثانيًا" قد توافرت، وتجزئ التسمية على كل مجموعة يتواصل ذبحها، فإن انقطعت أعيدت التسمية.
تاسعًا:
أ. إذا كان استيراد اللحوم من بلاد غالبية سكانها من أهل الكتاب، وتذبح حيواناتها في المجازر الحديثة بمراعاة شروط التذكية الشرعية المبينة في الفقرة "ثانيًا"، فهي لحوم حلال لقوله تعالى: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حِلٌّ لكم) (المائدة: 5).
ب. اللحوم المستوردة من بلاد غالبية سكانها من غير أهل الكتاب محرمة، لغلبة الظن بأن إزهاق روحها وقع ممن لا تحل تذكيته.
ت. اللحوم المستوردة من البلاد المشار إليها في البند "ب" من هذه الفقرة؛ إذا تمت تذكيتها تذكية شرعية تحت إشراف هيئة إسلامية معتمدة وكان المذكي مسلمًا أو كتابيًا فهي حلال.
ملاحظات:
1- ما ذكر أعلاه ورد في قرارات مجمع الفقه الإسلامي الدولي؛ دورة رقم 10، قرار رقم 95.
2- قرر مجمع الرابطة في دورته العاشرة ما يلي:
أولًا: إذا صعق الحيوان المأكول بالتيار الكهربائي، ثم بعد ذلك تم ذبحه أو نحره وفيه حياة فقد ذكي ذكاة شرعية، وحل أكله لعموم قوله تعالى: (حُرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبُع إلا ما ذكيتم) (المائدة:3).
ثانيًا: إذا زهقت روح الحيوان المصاب بالصعق الكهربائي قبل ذبحه أو نحره فإنه ميتة يحرم أكله، لعموم قوله تعالى: (حرمت عليكم الميتة).
ثالثا: صعق الحيوان بالتيار الكهربائي عالي الضغط هو تعذيب للحيوان قبل ذبحه أو نحره، والإسلام ينهى عن هذا ويأمر بالرحمة والرأفة به، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِبحة، وليُحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته" (رواه مسلم).
رابعًا: إذا كان التيار الكهربائي منخفض الضغط وخفيف المس بحيث لا يعذب الحيوان، وكان في ذلك مصلحة، كتخفيف ألم الذبح عنه وتهدئة عنفه ومقاومته فلا بأس في ذلك شرعًا مراعاة للمصلحة.
3- ما ذبحه الكتابي بطريقة غير شرعية كالمخنوقة، لا تحل عند الشافعية والحنابلة والحنفية والمالكية ومجمع الفقه الدولي والمجلس الأوروبي للإفتاء.
4- ناقش المجلس الأوروبي للإفتاء في دورته الثالثة الحكم الشرعي في لحوم الدواجن والأنعام المعروضة في الأسواق والمطاعم الأوروبية؛ فقال في قراره: وبعد استعراض طرائق الذبح المتبعة وما يتضمنه الكثير منها من مخالفات شرعية تؤدي إلى موت عدد غير قليل من الحيوانات لا سيما الدجاج، فقد قرر المجلس عدم جواز تناول لحوم الدواجن والأبقار، بخلاف الأغنام والعجول الصغيرة فإن طريقة ذبحها لا تتنافى مع شروط الذكاة الشرعية في بعض البلدان.
5- لا تؤكل ذبيحة المجوسي عند الشافعية والحنابلة والحنفية والمالكية، وهو قرار مجمع الفقه الدولي.
ونقل الإجماع على ذلك: إبراهيم الحربي وابن عبد البر وابن قدامة. قال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على تحريم صيد المجوسي وذبيحته، إلا ما لا ذكاة فيه كالسمك والجراد.
قال الإمام أحمد: ولا أعلم أحدًا قال بخلافه إلا أن يكون صاحب بدعة.
ومن العجائب أن معاصرًا مشهورًا قال بحل ذبائح المجوس، وهذا مما يؤكد للمرة الألف وجوب الحذر من الاجتهادات الفردية المعاصرة، حتى من أفاضل العصر ومشاهيره فضلًا عن غيرهم.
فيا أيها القارئ الكريم، من أجل أن تحفظ دينك، ومن أجل ألا يلعب بك أهل الإفتاء كما يلعب الصبيان بالكرة أو بالبنانير، احرص أن تبقى كحد أدنى في دائرة المعتمد في المذاهب الأربعة والمجامع الفقهية، وأما الأفضل فهو التمذهب المرن.
من قرارات المجامع الفقهية (51) طرق الذبح الحديثة واللحوم المستوردة

أضف تعقيب