تنهمك الجمعيات المختلفة في كل عام حول من تكون المرأة المثالية التي تقدم للمجتمع أو تؤْثر على نفسها. وعادة ما يطل علينا جمع من الممثلات العاريات غير الكاسيات، أو ممن فضلن الحيوان على الإنسان، في الوقت الذي نضطر إلى العودة إلى التاريخ عندما نريد العثور على امرأة مثالية حقا. ولكن ما زال في مجتمعنا من يسطرن التاريخ بأحرف من نور ويتركن بصماتهن على المجتمع من خلال عمل إنساني يتمثل في إنقاذ حياة إنسان وبذلك تكون ممن قال فيهم الله تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا).
هي قصة عاشتها عائلة السيد وجيه أبو مخ (59 سنة)، وهو أب لثلاثة أولاد وبنت، من مدينة باقة الغربية. بدأت أحداث القصة قبل نحو سنة، كما يقول الحاج أبو مخ ويقول: لقد ابتلاني الله بمرض السكري، بعد حادث طرق وقع عام 1988، وكان من أسباب بتر إحدى قدمي، ثم بترت الثانية بسبب احتراقها في مدفأة في بيتي، ونقلت إلى المستشفى وكان قد ذاب لحم رجلي فبترت الثانية والحمد لله.
ويتابع الحاج أبو مخ بعد ذلك ابتلاني الله بمرض الكلى ووصلت إلى درجة غسيل الكلى (دياليزا) حيث كنت أجري غسيل كلى أربع مرات أسبوعيا، وكل مرة كان يستغرق 4–5 ساعات، ثم كنت أعود إلى البيت بسيارة إسعاف وأبقى مضطربا إلى اليوم التالي، واستمر الحال هكذا مدة سنة كاملة، حيث قرر الأطباء أنني في حاجة إلى زرع كلية، وأن حياتي في خطر إذا لم نجد متبرعا، ووضعوا اسمي في قائمة المنتظرين لمتبرع. وانتظرته ولم يصل، وأنا أعاني من الآم شديدة، لكنني لم أفقد الأمل وثقتي بالله كانت كبيرة، ثم قررت زوجتي أن تتبرع لي بإحدى كليتيها وتنقذ حياتي، وبدأ مشوار التحليلات التي نجحت بحمد الله، ثم أجريت لي العملية بنجاح، وكنا نرقد في المستشفى في نفس القسم، حيث كان أحدنا يزور الآخر وسط إعجاب الأطباء الذين كانوا يقولون معجبين: "ليست كل زوجة تفعل هذا".
الزوجة فهيمة: لم أستطع النظر إليه وهو يتألم
وتقول الزوجة فهيمة أبو مخ: إنه زوجي وأبو أولادي ورفيق العمر؛ عشت معه أكثر من أربعين سنة، وكان رجلا بمعنى الكلمة يوفر لنا كل شيء وحياتنا كانت وما زالت سعيدة رغم المعاناة، وقد رافقته في كل فحوصاته، ورأيت كم يتعذب ويتألم، فكان قلبي يتقطع لسماعه يتألم، واستمر هذا الحال حتى كنت مرافقة له ذات يوم في المستشفى لإجراء دياليزا، وتحدثنا مع مدير القسم المعالج، وقلت له إنني قررت أن أكون ذلك المتبرع المنتظر، فسر الطبيب وطلب فحص فصيلة الدم، وبعد الفحص تبين أنه لم يكن هناك تطابق مع فصيلة دم زوجي، وكان جواب الطبيب أنه لن يكون هناك زراعة كون فصيلة الدم غير ملائمة.
وتضيف الزوجة أم نهاد: توجهنا إلى مستشفى "إيخلوف" وقلنا لهم إن فصيلة الدم غير مطابقة، فقال الطبيب المختص: هذه مشكلة في إمكاننا التغلب عليها، حيث نستطيع أن نفصل كريات الدم البيضاء حتى لا يرفض الجسم تقبل الكلية، فسعدت لهذا الخبر وقررت نهائيا أن أنقذ زوجي، حيث كنت الأمل الأخير له.
رفضوا ولكنهم رضخوا أمام إصراري
تقول أم نهاد: بعد أن علمت العائلة أنني أنا المتبرعة كان والدي أول المعارضين، بخاصة بعد تجربة سابقة مع أحد الأقرباء بزراعة كلية من قريبته حيث توفي بعدها المعالج، وتبين بعد ذلك أنه كان مصابا بمرض خطير، وكذلك الطبيب المعالِج أخذ يشرح لي المخاطر التي سأتعرض إليها ويسألني إن كنت أعي خطورة هذا العمل، فأحسست أنه غير معني بذلك رغم أنه سعد بالقرار في البداية، كذلك الأولاد أرادوا أن يكون أحدهم المتبرع، وأبدوا استعدادا لدفع أموال كثيرة للعلاج في الخارج، إلا أن القرار النهائي كان لي، وقد قررت أن "أم نهاد ستنقذ زوجها أبا نهاد بإحدى كليتيها بإذن الله، ولن يستطيع أحد منعي من تحقيق هدفي". وتضيف: أنا اليوم سعيدة جدا، بخاصة وأن جميع أفراد عائلتنا قدّروا هذا الموقف الذي أعتبره أنا واجبا من زوجة تجاه زوجها، وذلك الفضل يعود لله رب العالمين الذي منحني القوة والصبر والإصرار على تنفيذ القرار، الذي قد يكون سابقة أو من القلائل في البلاد. وعلى سبيل الطرفة قالت: "النساء اليوم يسألن أزواجهن عن سيارة وعمارة ونقود، لكن لا يسألن التبرع بكلية.. أسأل الله تعالى أن يسترنا في بيتنا وأن لا يكون عملي رياء، وإنما يكون خالصا لوجه الله تعالى، فهو الذي يجزيني يوم القيامة وأتمنى أن تعتبر النساء من هذا العمل".
تجدر الإشارة إلى أنه تزامن مع زيارتنا لبيت العائلة عودة الزوج من فحص في المستشفى، تابع فيه الطبيب حالته الصحية، فكان الاطمئنان واضحا على وجوه أهل البيت الذين وزعوا الحلوى. وقال أبو نهاد: "الحمد لله؛ كل شيء على ما يرام".
عندما تضحي الزوجة بقطعة من جسدها لأجل رفيق العمر
أخبار ذات صلة
تعليقات
1
kol alahtram rbna yjazeke fe aljanna
hassan - 12/02/2012
2
قصة مبكية حقا هذا الحب الحقيقي
احمد شيني - 12/02/2012
3
واذا كانت الزوجة متبرعه بعمرها وصحتها لكل فرد في العائله مااااااااااااااااجزائها غير الشكر لاكن قل من يعمل بتعاليم الاسلام على وجه حق
ام ابرار. - 12/02/2012
أضف تعقيب