من قرارات المجامع الفقهية(56)- حد الرجم ثابت بالسنة والإجماع!!

إعداد: الشيخ عبد الرحيم خليل
آخر تحديث 27/02/2012 13:17

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
إن المجمع الفقهي الإسلامي بعد أن استمع إلى بحث (حكم حد الرجم في الإسلام للزاني المحصن)، المقدم من الدكتور محمد رشيد قباني، ظهر له أن هذا البحث جزء من بحث حد الزنا الذي أعده الدكتور محمد رشيد قباني، وتقررت موافقة المجلس في دورته الثانية على طبعه. وقد أكد المؤلف ذلك سوى ملاحظات بسيطة، تم عرضها ومناقشتها وطلب إلحاقها تذييلًا، تمهيدًا لإلحاقها في مواضعها من البحث لو أعيد طبعه. حيث إن بحث حد الزنا المذكور قد انتهت طباعته فإن المجلس يقرر ما يلي:
أولًا: الاكتفاء بما كتب في بحث حد الزنا حول الرجم.
ثانيًا: إلحاق الملاحظات المرفقة، وطبعها ذيلًا على بحث حد الزنا للدكتور محمد رشيد قباني، مع ملاحظة وضعها في مواضعها المشار إليها في صلب البحث لو أعيد طبعه لأهميته.

ملاحظات:
1. ما ذكر أعلاه ورد في قرارات مجمع الرابطة؛ دورة رقم 4، قرار رقم 5، وبالرجوع إلى البحث الذي أقره المجمع وهو بحث حد الزنا للدكتور محمد رشيد قباني، نجد تأكيد حد الرجم على الزاني المحصن [انظر ص91].
2. ثبت حد الرجم على الزاني المحصن بأحاديث كثيرة صحيحة وصريحة، منها ما رواه البخاري في حديث ماعز عن أبي هريرة رضي الله عنه وفيه: اذهبوا فارجموه.
وما رواه مسلم في حديث الغامدية عن عبد الله بن بريده عن أبيه وفيه: وأمر الناس فرجموها.
وما رواه البخاري ومسلم في قصة العسيف عن أبي هريرة وزيد بن خالد وفيه: واغْدُ يا أُنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها، فغدا عليها فاعترفت فرجمها.
وما رواه البخاري عن ابن عباس أن عمر رضي الله عنه قال: ...... رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله.....
3. واتفقت المذاهب الأربعة على حد الرجم، بل ثبت حد الرجم بالإجماع، ولقد نقل الإجماع عدد كبير منهم:
- ابن المنذر في كتابه "الإجماع" (69).
- ابن حزم في كتابه "مراتب الإجماع" (214).
- ابن القطان الفاسي في كتابه "الإقناع" (4/1873).
- ابن عبد البر في كتابه "الاستذكار" (24/52).
- ابن قدامة في كتابه "المغني" (12/309).
- ابن بطال كما ذكره ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (12/120).
- الماوردي في كتابه "الحاوي" (13/191)، حيث قال: وانعقاد الإجماع عليه حتى صار حكمه متواترًا، وإن كان أعيان المرجومين فيه أخبار الآحاد، وهذا يمنع خلاف حدث بعده.
4. قد يقول القارئ لم أتعبت نفسك في توضيح الواضح، أقول: نعم؛ هذا صحيح، ومن البليات توضيح الواضحات، والذي حملني على ذلك أن فاضلًا معاصرًا مشهورًا أنكر حد الرجم وادعى أن الرجم كان من باب التعزير!!
فيا للهول! أي فقه يبقى وأي دين يبقى للناس بهذه الطريقة، أي ثقة للناس بالإفتاء والفقه وأحكام الشرع، إذا كانت كالزئبق أو كالعجينة... نمسي على أمر حرام فنصبح وقد صار مباحًا...
أي مصلحة في التلاعب بأحكام شرعية ثبتت واستقرت من ألف وأربعمائة عام؟ واتفقت المذاهب الأربعة عليها.
حتى لو فرضنا جدلًا أن في ذلك شيء من مصلحة، فإن المفاسد من هذا المنهج بادية ظاهرة ملأت الأرض، لا تخفى حتى على أعمى!!
مفسدة الفوضى.... الاضطراب... شيوع الأقوال الشاذة والباطلة... شيوع مخالفة الإجماع... شيوع مخالفة المذاهب الأربعة.
ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فكيف إذا كانت المفسدة هائلة والمصلحة صغيرة، بل كيف إذا كانت غير موجودة، بل كيف إذا كانت المصلحة كل المصلحة في إقامة حد الرجم الذي يتناسب مع حجم الجريمة التي تمس جوانب متعددة؛ جانب المجتمع، جانب الأسرة، جانب الفرد... إلخ.
وكم كان صادقًا ودقيقًا محمد زاهد الكوثري لما قال: اللامذهبية قنطرة اللادينية.
5. إن هذا مما يؤكد للمرة الألف وجوب اجتناب "الاجتهادات" الفردية المعاصرة، حتى لو كانت من فاضل معاصر مشهور فضلًا عن غيره.
6. وإن هذا مما يؤكد التزام التمذهب أو على الأقل البقاء في إطار المذاهب الأربعة والمجامع الفقهية بشرط عدم تتبع الرخص، وإن هذا ليؤكد أن من فتح على نفسه باب الأخذ بـ"الاجتهادات" الفردية المعاصرة فقد فتح على نفسه باب شر مستطير وباب فتنة "كبر عليها الصغير وهرم عليها الكبير وهاجر عليها الأعرابي وفصح عليها الأعجمي، يرون الحق فيها، فهي فتنة لا يعين عليها إلا الله تعالى".

أضف تعقيب

ارسل

تعليقات

1
ملاحظة على المقال
مع احترامي لهذه الخطوة الجيدة في التصدي للانحراف الفكري عند بعض "العلماء" المعاصرين، من المتأثرين بالفكر الغربي "سلبيا" وممن أراد إلغاء الكثير من الأحكام الشرعية الثابت.. أقول: مع احترامي لهذه الخطوة، ولكن النتيجة التي توصّل إليها الكاتب الشيخ عبد الرحيم خليل نصرة لمذهبه في ضرورة "التمذهب" والبقاء في إطار المذاهب الأربعة والمجامع الفقهية هي نتيجة خائطة.. ذلك أن سبب هذا الانحراف والشطط الفكري الذي واجهه الشيخ عبد الرحيم مشكورا لم يكن بسبب الابتعاد عن التمذهب، بل بسبب الابتعاد عن الأخذ بقطعيات الدين الثابتة بالنص، وكما يقال "لا اجتهاد مع النص"، وقد أقر الشيخ عبد الرحيم بأن "حد الرجم" ثبت بأحاديث كثيرة صحيحة وصريحة، فقد جاء في المقال: "ثبت حد الرجم على الزاني المحصن بأحاديث كثيرة صحيحة وصريحة، منها ما رواه البخاري في حديث ماعز عن أبي هريرة رضي الله عنه وفيه: اذهبوا فارجموه. وما رواه مسلم في حديث الغامدية عن عبد الله بن بريده عن أبيه وفيه: وأمر الناس فرجموها. وما رواه البخاري ومسلم في قصة العسيف عن أبي هريرة وزيد بن خالد وفيه: واغْدُ يا أُنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها، فغدا عليها فاعترفت فرجمها. وما رواه البخاري عن ابن عباس أن عمر رضي الله عنه قال: ...... رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله.....". (انتهى الاقتباس). وبناء على ذلك فإن منهج الفهم عن النصوص وتشجيع الاجتهاد الملتزم بالنصوص القرآنية والحديثية الصحيحة والصريحة (لا بمذاهب البشر) هو السبيل الأمثل لمواجهة الشطط والانحراف الفكري، فالالتزام يكون بما هو "معصوم" حتى ينضبط الاجتهاد، وأما المذاهب التي عرفها التاريخ الإسلامي فهي اجتهادات بشرية لعلماء الأمة الكبار فيما وراء المُحكمات، إذ المعروف في الفقه الإسلامي أن "الاختلاف" كان في المسائل "الظنية"، ومنه نشأت المذاهب المختلفة، وأما المسائل "القطعية" فلم تختلف عليها المذاهب؛ لأن دليلها محكم من الكتاب والسنة والإجماع، ومسألة "حد الرجم" ثابتة بصحيح السنة وصريحها كما يقر الشيخ، فالمرجع فيها هو "المحكم من النصوص"، وليس "المذاهب"، حتى لو وافقت المذاهب القول الصحيح، فهي موافقة حتمية لأنهم عادوا إلى النصوص المحكمة، وسبيلنا اليوم هو نفس سبيلهم: العودة إلى النصوص المحكمة لمنع الشطط والانحراف.
شريف محمد جابر - 27/02/2012
sharef.mg@gmail.com
2
بارك الله بشيخنا الكبير.. يا شريف المذاهب الفكرية لم تأتي بالاحكام من "دار ابوها" انما استندت على الكتاب والسنة
بارك الله بشيخنا الكبير.. يا شريف المذاهب الفكرية لم تأتي بالاحكام من "دار ابوها" انما استندت على الكتاب والسنة .. ولا يمكن الطعن بأصحاب المذاهب ..واتباعهم هو ليس لأشخصاهم انما للقران والسنة وكل ضوابط الاجتهاد التي قاموا عليها .. والمذاهب عمل عليها الاااااف مؤلفة من العلماء والمجتهدين وليس شخص او اثنين .. !! اذاً نحن نأخذ من المذاهب خوفاً من الانحراف والفوضى الفقهية ولأنهم علماء مؤتمنون .. ولأنهم درسوا كل النصوص التي وصلتنا كذلك .. فلماذا نعود الاف السنين في امور قد درسها الاف العلماء وحسموها .. هذه قلة ثقة بالعلماء.. ونؤكد على انهم جاءوا بأقوالهم تبعاً للكتاب والسنة ..
متابع - 22/04/2012

أذهب للأعلى