واحة الارواح- 800 مسألة في آية واحدة

اعداد: الشيخ عصام حسن - طرعان
آخر تحديث 28/02/2012 17:01

قال تعالى: (يأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين، وإن كنتم جنبا فاطهروا، وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا؛ فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون).
قال ابن العربي رحمه في أحكام القرآن: ذكر العلماء أن هذه الآية من أعظم آيات القرآن مسائل وأكثرها أحكاما في العبادات، وبحق ذلك، فإنها شطر الإيمان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الوضوء شطر الإيمان. ولقد قال بعض العلماء: إن فيها ألف مسألة، واجتمع أصحابنا في مدينة السلام فتتبعوها فبلغوها ثمانمائة مسألة، ولم يقدروا أن يبلغوها الألف، وهذا التتبع إنما يليق بمن يريد تعريف طرق استخراج العلوم من خبايا الزوايا.

تكثير الطعام على يد النبي صلى الله عليه وسلم 
روى البخاري بسنده قال حدثنا مجاهد أن أبا هريرة رضي الهج عنه كان يقول: والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يوما على طريقهم (الصحابة) الذي يخرجون منه، فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليشبعني، فمر ولم يفعل ثم مر بي عمر فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليشبعني، فمر فلم يفعل، ثم مر بي أبو القاسم  صلى الله عليه وسلم ، فتبسم حين رآني وعرف ما في نفسي وما في وجهي ثم قال: "يا أبا هر". قلت: لبيك يا رسول الله. قال: "الْحَقْ"، ومضى، فتبعته فدخل فاستأذن فأذن لي فدخل فوجد لبنا في قدح، فقال: "من أين هذا اللبن؟". قالوا: أهداه لك فلان أو فلانة. قال: "أبا هر"، قلت: "لبيك يا رسول الله"، قال: "الحَقْ إلى أهل الصفة فادعهم لي"، قال: وأهل الصفة أضياف الإسلام لا يأوون إلى أهل ولا مال ولا على أحد، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها، فساءني ذلك، فقلت: "وما هذا اللبن في أهل الصفة، كنت أحق أنا أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها، فإذا جاء أمرني فكنت أنا أعطيهم، وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن، ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله  صلى الله عليه وسلم  بد، فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم وأخذوا مجالسهم من البيت. قال: "يا أبا هر"، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: "خذ فأعطهم"، قال: فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح، فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح، حتى انتهيت إلى النبي  صلى الله عليه وسلم  وقد روي القوم كلهم، فأخذ القدح فوضعه على يده، فنظر إليّ فتبسم، فقال: "أبا هر"، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: "بقيت أنا وأنت"، قلت: صدقت يا رسول الله، قال: "اقعد فاشرب"، فقعدت فشربت، فقال: "اشرب"، فشربت، فما زال يقول: "اشرب" حتى قلت: لا والذي بعثك بالحق، ما أجد له مسلكا. قال: "فأرني"، فأعطيته القدح، فحمد الله وسمّى وشرب الفضلة.

اخفض صوتك بالقرآن
سمع سعيد بن المسيب ذات ليلة في مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم عمر بن عبد العزيز يجهر بالقراءة في صلاته، وكان حسن الصوت، فقال لغلامه: اذهب إلى هذا المصلي فمره أن يخفض صوته. فقال الغلام: إن المسجد ليس لنا، وللرجل فيه نصيب، فرفع سعيد صوته وقال: يا أيها المصلي إن كنت تريد الله عز وجل بصلاتك فاخفض صوتك، وإن كنت تريد الناس فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا. فسكت عمر بن عبد العزيز وخفف ركعته، فلما سلم أخذ نعليه وانصرف، وهو يومئذ أمير المدينة.

خلاف الرأي لا يفسد للود قضية
قَالَ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيَّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَجَاءَهُ عَلِيّ بْنُ الْمَدِينِيِّ رَاكِبًا عَلَى دَابَّةٍ، قَالَ: فَتَنَاظَرَا فِي الشَّهَادَةِ وَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى خِفْتُ أَنْ يَقَعَ بَيْنَهُمَا جَفَاءٌ، وَكَانَ أَحْمَدُ يَرَى الشَّهَادَةَ وَعَلِيٌّ يَأْبَى وَيَدْفَعُ، فَلَمَّا أَرَادَ عَلِيٌّ الانْصِرَافَ قَامَ أَحْمَدُ فَأَخَذَ بِرِكَابِهِ.

من أعظم المكارم
قال ابن حزم رحمه الله تعالى: ومن أعظم ما يحكى من المكارم التي لم نسمع لها أختًا أن أبا غالب سلمان بن غالب التياني ألف كتابًا في اللغة، وهو كتاب "تلقيح العين"، فوجه إليه أبو الجيش مجاهد العامري، صاحب الجزائري، ألف دينار أندلسي ومركوبًا وأكسية، في مقابل أن يزيد في ترجمة الكتاب أنه "مما ألفه أبو غالب لـأبي الجيش مجاهد"، فرد الدنانير وغيرها وقال: كتاب ألفته لينتفع به الناس، وأخلد فيه همتي، أجعل في صدره اسم غيري وأصرف الفخر له؟! والله لو بذل لي الدنيا على ذلك ما فعلت، ولا استجزت الكذب؛ لأنني لم أجمعه له خاصة، بل لكل طالب. يقول ابن حزم: فاعجب لهمة هذا الرئيس وعلوها، واعجب لنفس هذا العالم ونزاهتها.

لا تغتر بعلمك
ذكر السبكي في ترجمة الماوردي في طبقات الشافعية: ومن كلام الماوردي الدال على دينه ومجاهدته لنفسه ما ذكره في كتاب أدب الدين والدنيا فقال: "ومما أنذرك به من حالي أني صنفتُ في البيوع كتابا جمعته ما استطعت من كتب الناس، وأجهدتُ فيه نفسي وكددتُ فيه خاطري، حتى إذا تهذب واستكمل وكدتُ أُعجبُ به، وتصورت أني أشد الناس اطلاعا بعلمه، حضرني وأنا في مجلسي أعرابيان، فسألاني عن بيع عقداه في البادية على شروط تضمنت أربع مسائل، ولم أعرف لشيء منها جوابا، فأطرقت مفكرا وبحالي وحالهما معتبرا، فقالا: أما عندك فيما سألناك جواب وأنت زعيم هذه الجماعة؟ فقلت: لا، فقالا: إيها لك، وانصرفا، ثم أتيا من قد يتقدمه في العلم كثيرٌ من أصحابي، فسألاه فأجابهما مسرعا بما أقنعهما، فانصرفا عنه راضيين بجوابه حامدين لعلمه...
إلى أن قال: فكان ذلك زاجرَ نصيحة ونذيرَ عظة تذلل لهما قيادُ النفس وانخفض لهما جناحُ العجب".

من أحب أن يفتح الله له قلبه
قال الإمام الشافعي رحمه الله: "من أحب أن يفتح الله له قلبه أو ينوره، فعليه بترك كثرة الكلام فيما لا يعنيه، وترك الذنوب واجتناب المعاصي، ويكون له فيما بينه وبين الله خبية من عمل، فإنه إذا فعل ذلك فتح الله عليه من العلم ما يشغله عن غيره، وإن في الموت لأكثر الشغل".

طبائع أهل الأندلس
نقل الـمَقَّري الحفيد في كتابه "نفح الطيب في تاريخ الأندلس الرطيب" كلاما اختصره عن أبي سعيد الأندلسي في كتابه "الـمُغرب في حلى أهل المغرب"، تحدث فيه عن تدبير أهل الأندلس وبعض عاداتهم وهذا نص الكلام المختصر: وأهل الأندلس أشدُّ خلق الله اعتناء بنظافة ما يلبسون وما يفرشون، وغير ذلك مما يتعلّق بهم، وفيهم مَنْ لا يكون عنده إلا ما يقوته يومَهُ، فيطويه صائما ويبتاع صابونا يغسل به ثيابه، ولا يظهر فيها ساعةً على حالة تنبو العين عنها.
وهم أهل احتياط وتدبير في المعاش، وحفظ لما في أيديهم خوف ذلِّ السؤال، فلذلك قد يُنسبون إلى البخل، ولهم مروءات على عادة بلادهم، لو فطن لها حاتم الطائي لفضل دقائقها على عظائمه، ولقد اجتزت مع والدي على قرية من قراها، وقد نال منا البرد والمطر أشدَّ النَّيل، فأوينا إليها، وكنّا على حال ترقُّب من السلطان وخلوّ من الرفاهية، فنزلنا في بيت شيخ من أهلها، من غير معرفة متقدمة، فقال لنا: إن كان عندكم ما أشتري لكم فحمًا تسخنون به فإنّي أمضي في حوائجكم، وأجعل عيالي يقومون بشأنكم، فأعطيناه ما اشترى به فحمًا، فأضرم نارًا، فجاء ابنٌ له صغير ليصطلي، فضربه، فقال له والدي: لِـمَ ضربته؟ فقال: يتعلم استغنام مال الناس والضَّجَرَ للبرد من الصغر، ثم لما جاء النوم قال لابنه: أعطِ هذا الشاب كساءك الغليظة يزيدها على ثيابه، فدفع كساءه إليّ، ولما قمنا عند الصباح وجدتُ الصبي منتبهًا ويدُه في الكساء، فقلت ذلك لوالدي، فقال: هذه مروءات أهل الأندلس، وهذا احتياطهم، أعطاك الكساء وفضّلك على نفسه، ثمَّ أَفكرَ في أنك غريب لا يعرف هل أنت ثقة أو لصّ، فلم يطب له منام حتى يأخذ كساءه خوفًا من انفصالك بها وهو نائم، وعلى هذا الشيء الحقير فقس الشيء الجليل.

فرحة العمر عند العلماء
أوصى الشيخ محمد زاهد الكوثري تلميذه الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمهما الله بكتاب "فتح باب العناية بشرح كتاب النقاية" للملا علي القاري قال: فبحثت عنه مدة دراستي في القاهرة، وهي ست سنوات، ثم لما حججت بيت الله الحرام بحثت عنه في مكة إلى أن لقيت كتبيا -يعني بائع الكتب- شنقيطيا فسألته عن الكتاب فقال: كان عندي من نحو أسبوع اشتريته من تركة بعض البخاريين وبعته بثمن كريم لشيخ بخاري واسمه عناية الله الطقشندي ولكن لا علم لي به. فذهبت أسأل عنه وكم في مكة من البخاريين بهذا الاسم..! وحتى ذهبت إلى القرى المجاورة لمكة، حتى يئست من الكتاب، فصرت أدعو الله في الطواف أن يرشدني إلى ذلك الإنسان وييسر لي اقتناء الكتاب. فلقيت صدفة تاجرا شاميا في مكة فعرفني بالزي الشامي، فصار التاجر يسألني عن الشام وأهله قال: ومن شدة هوسي بالكتاب أني سألته وهو تاجر شامي عن ذلك الشيخ..! فقال: هذا ختنه في الدكان الذي أمامي، وهو يعرف مكانه، فذهبت إلى ختنه فسألته عنه فاستغرب، وقال: ما الذي يدعوك إلى السؤال عنه وإلى لقائه؟ فقلت: أنا منذ أسبوع وأنا أبحث عنه، فدلني على مكانه فصرت آتيه المرة بعد المرة، ليلا ونهارا حتى لقيته وتنازل لي عن الكتاب بالثمن الذي أحب، فكانت فرحة من فرحات العمر.

إتلاف الخسيس في حق النفيس
قال الإمام الشاطبي رحمه الله: حدثنا الأستاذ الفقيه الجليل الأصولي أبو علي منصور الزواوي أن الفخر بن الخطيب سأل سيف الدين الآمدي فقال له:
لِمَ أجاز الشرع ذبح الحيوان في حق الإنسان وهو تعذيب له، وتعذيب الحيوان على خلاف المعقول؟
فقال سيف الدين: إتلاف الخسيس في حق النفيس من مناهج العقول.
فقال الفخر: لو كان كذلك، لجاز أن تُذبح أنت في حق ابن سينا"!!.

أضف تعقيب

ارسل

تعليقات

1
ماأ جمل هذه الزاويه والله أن فيها لحلاوه وقوه وعزيمه للقلوب < نسالك ياالله ايمانا كاملا ويقينا صادقا > سلمك الله ياشيخ
أم انور - 04/03/2012

أذهب للأعلى