كشف بحث علمي أجري في ألمانيا عن دور محتمل لأحد أشد أنواع الفطر سمية في محاربة سرطان البنكرياس.
وأظهر البحث، الذي نفذه مختصون من مركز بحوث السرطان والمركز الوطني لأمراض الأورام- هايديلبيرغ في ألمانيا، أن استخدام أجسام مضادة مقترنة بمركب ألفا أمانيتين الشديد السمية، والذي يتواجد في فطر "قلنسوة الموت" السام، يمكن أن يقدم وسيلة جديدة لمحاربة الخلايا السرطانية، دون أن يؤثر ذلك على الخلايا السليمة.
ويعد فطر "قلنسوة الموت" أو أمانيتا فالويديس من أنواع الفطر المشروم الشديد السمية، وهو يحوي واحداً من أشد السموم فتكاً بالكائنات وهو ألفا-أمانيتين، حيث يُظهر قدرة على قتل جميع الخلايا سواء كانت سليمة أو سرطانية، إذ قد يتسبب تناول "قبعة" واحدة من الفطر بموت شخص بالغ، وفقاً لبعض المصادر.
أسلوب جديد
ونجح فريق الباحثين بمشاركة مختصين من معهد ماكس بلانك للبحوث الطبية الألماني في تطوير طريقة جديدة لتدمير خلايا السرطان، والتي تعتمد على إيصال مركب ألفا- أمانيتين بدقة إليها، من خلال استخدام أداة توصيل وهي عبارة عن أجسام مضادة مقترنة بالمركب السام، تمتلك القدرة على الارتباط بالخلايا السرطانية من خلال بروتين محدد يتواجد على سطح تلك الخلايا يُدعى اختصاراً "إي.بي كام".
ويعد "إي.بي كام" من البروتينات التي تتواجد في عشاء الخلايا الطلائية التي تبطن الأسطح الخارجية والداخلية للجسم، إذ تنشأ غالبية الأورام السرطانية من هذا الصنف من الخلايا.
وُتنتج العديد من الأورام الناشئة من الخلايا الطلائية؛ مثل سرطان الثدي وسرطان البنكرياس وسرطان المبيض وغيرها، أعداداً كبيرة من بروتين "إي. بي كام"، الأمر الذي ظهر أن له صلة بضعف فرص النجاة عند المريض.
تثبيط الورم
وأشارت نتائج البحث التي نشرتها /دورية معهد السرطان الوطني/ إلى أن الأجسام المضادة التي اقترنت بمركب ألفا أمانيتين، نجحت في وقف نمو الخلايا السرطانية بالنسبة لسرطان البنكرياس وسرطان الثدي وسرطان القولون والمستقيم، بالإضافة إلى سرطان القناة الصفراوية.
كما أظهر البحث أن حقن فئران تحمل اجسادها أنسجة مزروعة من سرطان البنكرياس البشري، بالأجسام المضادة المقترنة بالألفا أمانيتين لمرة واحدة، كان كافياً لتثبيط نمو الورم، في حين أدى استخدام الحقن بجرعات أعلى لمرتين بانحسار تام للورم عند تسعين في المائة من تلك الحيوانات. كما لم تسبب الجرعات الأعلى تلفاً لأنسجة الكبد وأنسجة الأعضاء الأخرى.
خيار ملائم
وأوضح المختص بعلم المناعة وعضو فريق البحث الدكتور غيرهارد مولدينهوير، في بيان بيان صحفي أصدره الاثنين (2/4) مركز بحوث السرطان الألماني، أن مركب الأمانيتين يمتلك خصائص تجعل منه خياراً ملائماً لإعداد الأجسام المضادة المقترنة المحاربة للأورام السرطانية، فهو صغير بما يكفي لتضليل الجهاز المناعي ومنعه من الكشف عن وجوده، كما أنه مركب قوي -من الناحية الكيميائية- ليشكل اقتراناً مع الاجسام المضادة.
من ناحية أخرى؛ لفت مولدينهوير من المعهد الوطني لأمراض الأورام -هايديلبيرغ إنه من الضروري تحديد الجرعة الملائمة للاستخدام من مركب أمانيتين بأقصى قدر من العناية، إذ أن خلايا الكبد تُظهر حساسية شديدة تجاه هذا السم، كما أن الخلايا السليمة التي تحمل بروتين "إي. بي كام" تكون مهددة أيضاً.
ومع ذلك أشار الباحث إلى أن نتائج بحثهم تبعث على التفاؤل، فهم لم يرصدوا أية أضرار في الأعضاء عند الحيوانات التي خضعت للاختبار، حتى عند استخدام جرعات عالية من المركب السام بواسطة تلك التقنية.
أضف تعقيب