ادب

طَقسُ الصَّمتِ جارِح

شعر: صالح أحمد (كناعنة)
آخر تحديث 17/01/2015 16:49

الصّمتُ مَغناة الجياع
في الحلق يزدّحِمُ الصّدى
هلّا عَذَرتَ صُدودَ نَفسي يا شَذى..
والآهُ تخنقُني!
وفي أعماقِ أعماقي امتِعاض...
قد كِدتُ أنسى أنّ لي أعماقا..
تَختَزِنُ التِياعي.
الصّمتُ مَغناةُ الجِياعْ.
لا صَوتَ يُسمَعُ للخِواءْ.
عُد بي؛
لأجمَعَ بَعضَ ما أدرَكتُ مِن أصداءِ صَمتي؛
واحْتَضِنْ جَزَعي...
لِئَلا يَعتَريني الشَّوقُ آتٍ من بَعيدْ.
إذ يَلتَقي الغُرَباءُ تَحضُنُهُم حكاياتٌ تسيرُ كَظِلِّهِم،
ترنو إلى الفَرَح البعيد.
والنّايُ يَعزِفُ في ربيعٍ لا يُرى:
الشَّوقُ لا يبدي حَياةً، أو يُعيد.
لا شَيءَ يُحيي قَلبَ عاشِقَةٍ إذا اعتَنَقَ الذّبولْ...
وغَدا المَدى صَمتًا..
وكُلُّ الصّمتِ جارِح.
لا وَجهَ للمَنفى الذي يَجتاحُنا.
تتناسَلُ الخطواتُ في مِلحِ الرّجا..
ويَضِجُّ في الأَعماقِ صوتُ الرّوحِ:
هذا الصّمتُ فاضِح.
أخفَيتُ حُبّي في شَرايينِ الرّؤى
والليلُ كانَ لوحدَتي يبدو أليفا
ومَضيتُ أعدو كالخُيولِ بلا أعِنَّة
والرّيحُ توقِظُ أصلَها..
والفَصلُ جامِح.
مَن ذا يُغيثُ المُستَجيرَ مِنَ الذُّهول؟
والرّيحُ تعجِزُ أن تَعي:
- ماذا أسرَّ اللّيلُ للنّجماتِ تنزِلُ قلبَ خيمَة؟
- لِمْ أخفَتِ الكَلِماتَ مضمونَ الوَصايا؟
- مَن عَلَّمَ القَمَرَ التّخفي...
كلّما اهتَزَّت خيامٌ، أو تَكَشَّفَت النّوايا؟
- ولِما يزيدُ النايُ حُزنًا كلَّما ارتَعَشَت جَديلَة؟
أو كيفَ يمضي الوَقتُ في فوضى هَشاشَتِهِ،
وأقدامُ السُّدى تغدو حُدودًا،
والمَصيرُ مُخَيَّمٌ في قلبِ ريح،
والهَوى عَتَباتُ بيت،
يأسًا تُزَيِّنُ حُلمَنا حَرفًا، ومَوت؟!
روحي تَخَثَّرَ لونُها في راحَتي..
عيني تَجَمَّدَ دَمعُها مَعَ بَسمَتي..
ويَدي تَشَرَّدَ عَزمُها في سَكرَتي..
وعلى المَدى صَوتي ينالُ من الظُّنونْ..
لا مَوتَ في مَوتي..
أنا حيٌّ..
وأنتُم تُرزَقون. 

أضف تعقيب

ارسل

تعليقات


أذهب للأعلى