حلم ليلة ثلج وصقيع !!

حلم ليلة ثلج وصقيع !!

بقلم: صفوت ياسين - عانين \ جنين
آخر تحديث 21/01/2015 10:44

كان البرد قارسا الليلة الماضية. أحسست أن ثِقل الأغطية يكاد يخنقني، ورغم أني لم أشعر بالدفء إلا أنني استغرقت في نوم عميق. ورأيته؛ حاووط القرية الذي مات منذ زمن، مسعود المصطفى بلحمه ودمه، يقف على "بيدر أبو صبح"؛ ساحة القرية المعروفة. وكان يرتدي الملابس نفسها كان قبل أن يموت: الجاكيت الكحلي اللون، والقمباز الروزا، والحطة العراقية، والعقال المرعز.
عُرف عن أبي مصطفى، وهكذا كان البعض يناديه، صوته الجهوري القوي.
ويبدو أنه كان قد اختير حاووطا بسبب هذه الميزة قبل أن يموت، فقد كان يقف على الساحة المعروفة بـ"بيدر أبو صبح"، ويبلغ القرية بالأوامر التي كُلف المختار بإبلاغها للمواطنين، وكان صوته يصل حتى بيوت الشعر في الحراج المحيط بالقرية.
وفجأة انطلق صوته قويا مطلقا نداء الاستغاثة التقليدي: وين راحوا هابّين الريح وين.. وين النشامى وين.. يا رواحه يا جيّانه.. الحاظر يعلم الغايب.. ولادنا بغزة وبسوريا بموتوا من السقعه.. بدنا الهمه من الخيّرين.. شو ما بطلع من نفوسكم يا أهل الخير.. قميص، بنطلون، كندرة، جوز جرابات، حطّة، حرام، جرزاية. واستمر بالمناداة وأنا أقف مذهولا وصوته ينتشر وقد غطّى القرية وانتشر في القرى المجاورة وتجاوز الحدود وتخطّى جدار الفصل والحواجز الثابتة منها والطيارة والمعابر والجسور. وعبثا حاول حرس الحدود والقوات الخاصة والمستعربون إيقاف الصوت، وعبر مراكز الحدود والجمارك، ولم تفلح قوات التحالف بطائراتها السيطرة على الصوت، ولم تستطع أجهزة الـGPRS تحديد المصدر، ووصل الصوت إلى كل الفلسطينيين، بعد أن تعدى اليابسة والمحيطات.
وما هي إلا لحظات حتى تكدست الشاحنات بالملابس والمؤن. ووقع الاختيار على مسؤول عربي توسم الناس فيه الأمانة لإيصال المعونات كاملة غير منقوصة.
أحسست بيد تهزني وصوت زوجتي يقول: صلح نومتك يا أبو علاء، إنت بتشخور !
خُيِّل إلي عندها أنني اسمع صوتًا يقول: والله ما عندكم غير الحكي الفاضي. النخوة ماتت من زمان، الله يرحمها. ووجدتني أجيب وأنا بين النوم واليقظة: فعلا والله ما عنا غير طق الحكي.
فقالت الزوجة: اسم الله عليك، أنت بعدك نايم وبتخربط؟
قلت لنفسي لا والله، أنا بخربط وأنا صاحي. 

أضف تعقيب

ارسل

تعليقات


أذهب للأعلى