كلمة في "مقاطعة بضائع المستوطنات"

الاستاذ حامد اغبارية
آخر تحديث 13/11/2015 19:02

يبيعوننا بضاعة فاسدة

صحيح أن المؤسسة الإسرائيلية "صاحت من الألم" جراء قرار الاتحاد الأوروبي، أول من أمس الأربعاء، بوسم بضائع المستوطنات المصدرة إلى أسواق أوروبا.. وصحيح أن "نتنياهو" قد سعى بكل وسيلة إلى سحب القرار؛ إلا أن هذه الخطوة (على أهميتها) لا تسمن ولا تغني من جوع، بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني، وسيبقى تأثيرها شديد المحدودية والهامشية، إن لم تتبعها خطوات حقيقية ذات تأثير أكثر وقعا ونتائج، تشكل عقابا حقيقيا للاحتلال على جرائمه، وللمستوطنين على موبقاتهم.

يبقى قرار الاتحاد الأوروبي –فيما يبدو- حبرا على ورق، إذا اختبر على أرض الواقع، بل سيشكل في نهاية الأمر وهما تمارَس من خلاله ضغوطات على شعبنا في ملفات أخرى.

إن مشكلة شعبنا أكبر بكثير من سلع تنتجها المستوطنات في أراضي الـ67. إن مشكلة شعبنا – في هذه المسألة العينية- تكمن في وجود المستوطنات أساسا، مع كل ما تمارسه من جرائم زحف على ما تبقى من أرض فلسطينية، وطرد لأصحابها، وتضييق عليهم في معيشتهم وحريتهم، ناهيك عن الجرائم اليومية التي ترتكبها عصابات المستوطنين، من حرق بيوت وإطلاق نار وقتل عائلات كاملة، وتخريب مزارع وآبار مياه وإتلاف أشجار مثمرة واستيلاء على بيوت وإلقاء أصحابها في الشارع، تحت حماية قوات أمن الاحتلال.

إن على شعبنا ألا يخدع بمثل هذه القرارات "الدونكيشوتية" التي يملك الاحتلال وسائل كثيرة للالتفاف عليها وتجاوزها.
وإن أقل مطلب (آني) للشعب الفلسطيني يجب أن يتمثل في إزالة المستوطنات (كل المستوطنات) من الوجود ومن الخارطة. وإذا كان الاتحاد الأوروبي جادا فعلا في معاقبة الاحتلال، فإن المطلوب منه التكفير عن خطيئته التاريخية ضد الشعب الفلسطيني. وأول هذه الخطوات أن تعترف أوروبا (وعلى رأسها الدول التي احتلت بلادنا واستعمرتها) بمسؤوليتها عن تلك الجريمة التاريخية، ثم تعلن أنها ستسعى لتصحيح الغبن، ثم تبدأ بفتح المجال للشعب الفلسطيني (ومساعدته الجدية) كي يتمكن من تقديم مجرمي الحرب الإسرائيليين إلى المحاكم الدولية. هذا كخطوة أولى...

لا أشك للحظة أن كل ما يصدر عن الاتحاد الأوروبي إنما يصب أولا وآخرا في خدمة مصالحه هو، فنحن لسنا في اعتباره أصلا، بل ربما تشكل مثل هذه القرارات فخا (طالما وقعنا فيه) لتمرير سياسات تخدم الاحتلال في الحقيقة.

إن قضيتنا كل لا يتجزأ، وعلى رأسها، وفي القلب منها القدس والمسجد الأقصى المبارك، وحق العودة وملف الأسرى والأرض المغتصبة..
فليتفضل الاتحاد الأوروبي وليصدر قرارا بضرورة إنهاء احتلال القدس والأقصى، وتحقيق عودة الفلسطيني إلى أرضه وبيته وقريته التي اقتلع منها، وإطلاق جميع الأسرى بلا استثناء، وإرجاع كل شبر مغتصب إلى أصحابه، هكذا –ربما- يمكننا أن نصفق للاتحاد الأوروبي، الذي نعلم جميعا أن دولا مركزية فيه هي أساسا السبب الرئيس في نكبتنا وفي كل ما نتج عنها، منذ 1917 ولغاية هذه اللحظة.

أضف تعقيب

ارسل

تعليقات


أذهب للأعلى