من يعتقد أن أحدا في العالم الذي تسيطر عليه القوى الكبرى، يهتم بإنسانيته ،كعربي أو مسلم، أو يهتم بحياته أو موته، فهو واهم و”على البركة”.
المعيار الذي يمكن لك فيه كعربي أو مسلم، أن تفرض من خلاله خطابك واحترامك على “العالم المتوحش” هو القوة وامتلاك أمرك فقط.
انظروا مثلا إلى أمريكا أو روسيا، يتحدثان عن تشكيل تحالفات دولية لمحاربة “داعش” مع امتلاكهما “الحصري” لحق تصنيف الأفراد والجماعات بـصفة “الإرهاب”.
لو عدتم بـ”كبسة” زر على الشبكة العنكبوتية (الانترنت) إلى ما كتب من دراسات وأدبيات عن جرائم أمريكا وروسيا وبطشهما بملايين البشر وتحطيم العديد من الدول بإنسانها وحيوانها وتراثها، ستعرفون حينها أهمية القوة في عالم لا يحترم إلا الأقوياء.
في كتابه “القوة والإرهاب جذورهما في عمق الثقافة الأمريكية” يتطرق المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي، إلى السياسات الخارجية الأمريكية ونهجها الحربي ضد دول العالم واستخدامها القوة اللاشرعي ضد دول العالم تحت يافطة الديموقراطية وحقوق الإنسان, واستشهد بدراسات لعدد من المختصين وأشار الى الطور الأول من “الحرب على الإرهاب” والذي أعلنه الرئيس الأمريكي ريغان, وجعلها المدخل السياسي والفكري ليشرعن الحروب في بؤرتين الأولى أمريكا الوسطى عبر استخدام القوة اللاشرعي للقوة وقد أدانت المحكمة الدولية أمريكا بخصوص الجرائم في نيكاراغوا, والثانية الشرق الأوسط في فلسطين ولبنان والعراق والحروب الإسرائيلية وجرائم الحرب التي ارتكبتها ولفت الانتباه الى أن من يتزعم الحرب على الإرهاب حاليا ويقصد بها الولايات المتحدة الأمريكية قد أدينت بالإرهاب منذ عقد الثمانينات واستخدمت الفيتو ضد قرار دولي لاحترام القانون الدولي ورغم كل ذلك وما جرته من مجازر وجرائم إبادة للجنس البشري , تستمر الحرب على الإرهاب كما أطلقها بوش عام 2001 وخلفت احتلال دولتين العراق وأفغانستان .
وفي مكان آخر يتحدث تشومسكي عن المفارقة والمهزلة في وصف جرائم إسرائيل وعدوانها على الفلسطينيين بأنه “حرب” حيث يقول “تستخدم إسرائيل طائرات هجوم متطورة وسفن حربية لقصف مخيمات مكتظة بالسكان ومدارس ومبان سكنية ومساجد وأحياء فقيرة، لمهاجمة شعب ليس لدية سلاح جوي ولا دفاعات جوية ولا أسلحة ثقيلة ولا وحدات مدفعية ولا مدرعات ولا جيش ثم نصف هذا كله بأنه حرب، إنها ليست حربا بل جرائم قتل متعمدة”.
لا أدعو هنا بطبيعة الحال، إلى امتلاك القوة المتوحشة التي تقهر الناس وتفتقد الصفات الأخلاقية، ولكن العالم لن يحترم ضعفنا ولن ينتفض في يوم من الأيام مناصرا لقضايانا، إذا ما استغرقنا في “الولولة” و”الاعتذار”.
قد يقول قائل “هل سيسمح الكبار في هذا العالم لك بامتلاك أسباب القوة!!” بالتأكيد ستعمل الدول المنخرطة في نادي الكبار على إعاقة النهضة العربية والإسلامية، هذا في حال استسلمنا لخططهم ولم ننشغل بصراعاتنا التافهة والداخلية التي عملوا على إذكائها فيما بيننا.
عار علينا أن نوظف كل جهودنا البحثية ومراكز دراساتنا في كيفية التأثير على القرارات الدولية أو استمالة الولايات المتحدة الأمريكية لصالحنا، دون أن نصب كل جهودنا في وسائل امتلاك القوة التي تحمي حاضرنا ومستقبلنا وترغم “العالم الحر” على احترامنا.
من الأمور المثيرة للسخرية والمتجاوزة لـ”الاستهبال” أن يسعى الباحثون والسياسيون إلى فضح إسرائيل في المحافل الدولية ويقنعوا “العالم الحر” في ضرورة تفكيك إسرائيل لترسانتها النووية كي تصبح “منزوعة السلاح النووي” مثلهم!!
أحيانا اعتقد أن “كواليس كبار القيادات في العالم” تصيبها نوبات من الضحك والتندر على العرب، عندما يتوجهون إلى “الأمم المتحدة” للمطالبة بالضغط على تل أبيب في أمر ما، دون أن يمتلكوا أي عنصر من عناصر القوة أصلا لترجمة مطالبهم إلى “العالم” لأفعال!!
في القوة التي يمكن أن يمتلكها العرب والمسلمون، كما امتلكتها الصين وعدة دول في أمريكا اللاتينية دون “إرادة أمريكية” يصبح خطابنا إلى العالم كله محل إصغاء، وما دون ذلك، فحينها يصبح كل كلام في التنظير والتحليل السياسي والفكري، مجرد كلام يرهق العقل في استنباطه من غير طائل إطلاقا.
أنت قوي.. فأنت قادر بفرض خطابك على العالم

أضف تعقيب