توفيق محمد :

دار الندوة في تل ابيب تقرر ...

توفيق محمد
آخر تحديث 03/07/2016 15:30
 
أقر المجتمعون في دار الندوة إعلان الحرب على الإسلام عبر استهداف تيار الإسلام الوسطي صاحب الحظ الأوفر بين أوساط المسلمين في العالم ، لأنه يحمل مشروعا إسلاميا متكاملا من شأنه ان يستقطب إليه ليس فقط المسلمين الذين نأت بهم الحياة وزخرفها قليلا عنه ، إنما من شأنه أن يستقطب الى الإسلام قطاعات عريضة من غير المسلمين لما يطرحه من رؤية واسعة شاملة تعالج كافة تطلعات النفس البشرية ، وترسم مستقبلا زاهرا لها عبر تطبيق واقعي ملموس في حياة البشر .
 
هذا النظام شكل خطرا على مجموعات غير قليلة من الدول ومن المنظومة الدولية المتحكمة في العالم اليوم ، فكان لا بد من عقد دار الندوة من جديد للتفكير الملي والعميق بشن حرب استئصالية على الإسلام يكون هدفها المشروع الإسلامي الأوفر حظا والأوسع برنامجا والأكثر واقعية في مسماه التنظيمي أو الحركي ، وفي نفس الوقت كان لا بد للمجتمعين في دار الندوة أن يجدوا البديل الآني الذي يوفر للمسلمين عنوانا مرحليا يقنعوهم فيه الى أجل مقدور ثم يضربونه هو الآخر مجددا لأن الإسلام كدين هو عدو اولئك المؤتمرين ، وليس احتضانهم لجهة دون أخرى حبا بها ، بقدر ما أنه ذر للرماد في عيون الناس حتى يتمكنوا من وأد المشروع الأخطر عليهم ومن ثم يسهل استئصال الجميع .
 
دار الندوة هذه المرة متعددة الأمكنة فهي في الإمارات ، وفي بعض دول الخليج الأخرى ، وفي القاهرة ، وفي تل ابيب ، وفي لندن ، وفي واشنطن ، وفي طهران ، وفي موسكو ، وهي لا شك متضاربة المصالح والأهداف والرؤى ، و لكنها تجتمع مرحليا على هدف واحد هو استئصال هذا الذي يهدد العروش العربية والمشروع الفارسي والمشاريع الاوروبية والصهيونية والأمريكية والروسية في المنطقة ، وقد اتفق لسان حال هؤلاء جميعا على تأجيل الصراعات البينية بينهم ريثما يتخلصوا من العدو الأخطر ثم يتفرغوا هم ليعالجوا قضاياهم البينية .
 
فمن مصر كانت نقطة البداية بعد اذ نجح الإخوان المسلمون في الفوز بثقة الشعب المصري وبعد اذ قدموا نجاحات غير مسبوقة في التنمية  الإقتصادية والمجتمعية والإنتاجية وفي مواجهة المشاريع المعادية للأمة الإسلامية قاطبة بشكل لم يسبق له مثيل ، وقد استطاعوا فعل ذلك وأكثر مما يضيق المقال بذكره ولا يتسع الموضوع لتعداده رغم كل مساعي الإفشال والمعيقات التي كانت تراكمها أمامهم أزلام الدولة العميقة هناك حتى تمكنت هذه "العميقة" من الإنقلاب سيئ الصيت والذكر على أول رئيس  مصري منتخب بإرادة شعبية حرة وخالصة ، وبهذا سرق العسكر حلم الشعب المصري وأطاح ليس بالرئيس الشرعي د. محمد مرسي ، إنما أطاح بالمشروع الذي كان يحمله معه الرئيس المصري  د. محمد مرسي ، وفي ذات الوقت لم يشأ هذا الإنقلاب الدموي أن يظهر بمظهر معاداة الدين الإسلامي – وهي حقيقته الحقيقية – ولذلك فقد استحضر معه أصحاب اللحى والعمائم من بعض  مشيخة الأزهر الذين أوصل قسم منهم رئيس الإنقلاب الى مرتبة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وحاشاه هذا التشبيه ، وأحضر معه أيضا عنوانا مرحليا هو حزب النور الذراع السياسي للدعوة السلفية الذي فتح له أبواب الشارع المصري – مرحليا- فيما أوصدها أمام أبناء التيار الإسلامي الوسطي ، ثم ما لبث بعد إذ تمكن أن حاصر حزب النور والدعوة السلفية وضبطها وفق إيقاعه المعد سلفا تحت التهديد بأن تلقى نفس مصير الإخوان المسلمين إن هي غردت خارج السرب المضبوط بضبط العسكر وأزلامهم من أصحاب المشاريع المناهضة والمعادية للإسلام.
 
وما يحصل في الأردن القريب منا ليس بعيدا عن ما حصل في مصر ، ولكن بأسلوب مختلف ، أكثر حريرية ، فقد تبنت الحكومة الأردنية   منشقا عن جماعة الإخوان المسلمين ، سجل جمعية قانونية جديدة باسم الجماعة لتضرب من خلالها الجماعة الحقيقية بذريعة عدم تسوية وضعيتها القانونية وبهذا أوجدت هذه الحكومة من رحم الجماعة ذاتها منشقا عنها متماهيا مع سياسات ورؤى الحكومة ، حتى تقوم لاحقا بإغلاق مقرات الإخوان في المملكة تحت الذريعة أعلاه .
 
وفي دول الخليج وعلى رأسها وكر الشيطان الإمارات العربية المتحدة كانت الحرب جلية واضحة علنية على تيار الإسلام الوسطي دون الحاجة لاستحضار عناوين جديدة فوجود الدعوة السلفية من شأنه ان يشكل البديل الإسلامي للناس . 
 
وليس بعيدا عنا هنا حيث نعيش قامت حكومة نتنياهو في 17.11.2016 بخطوتها الاستئصالية بحظر الحركة الإسلامية وحظر 23 مؤسسة أهلية تعمل في كل مفاصل حياة أبناء شعبنا في الداخل الفلسطيني وتعين الكلّ والضعيف والمحتاج وتبني المجتمع ، فان قلت في التربية والتعليم فقد كانت لمساتها واضحة جلية  منذ مرحلة الروضة حتى التعليم الجامعي ، وكانت مساعدات هذه المؤسسات التعليمية تصل كل الشرائح المعنية بين هذين الجيلين ، وعلى مستوى الصحة فهناك المشافي والعيادات ، وعلى مستوى الصناعة والتجارة كان هناك من يدعم المصالح التجارية والصناعية الصغيرة وينميها ويساعدها ويقدم لها الدعم المالي والنصيحة والمشورة حتى تستقيم وتصبح مصلحة ناجحة ، وقل مثل ذلك على المستوى الرياضي والإعلامي والسياسي والوطني وصيانة والحفاظ على المقدسات وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك ، بل قل مثل ذلك عن كل مفصل من مفاصل حياتنا ، بل ان إحصائية تقول : إن عدد المستفيدين من خدمات مؤسسات العمل الأهلي التي حظرت كان يزيد عن نصف مليون إنسان في الداخل الفلسطيني أي ما يقارب نسبة 40%  من أبناء شعبنا كانوا يستفيدون من هذه المؤسسات التي حظرتها حكومة نتنياهو .
 
وبعد فإنها بعد إذ فعلت فعلتها هذه قامت وعبر وزارة الداخلية التي يتزعمها الوزير ارييه درعي بتسيير حافلات على حساب الوزارة للصلاة في المسجد الأقصى المبارك كبديل لمسيرة البيارق التي كانت تقل أهلنا الى القدس والمسجد الأقصى المباركين ، بل إن هذه الوزارة تسعى لتوفير بديل شعبي يملأ ما تعتقده الفراغ الذي أوجدته بعد إذ حظرت الحركة الاسلامية .
 
في اعتقادي ان الحافلات التي وفرتها داخلية درعي للناس تحمل مشروعا خطيرا جدا على المسجد الأقصى المبارك فهي سعت وفق سياسة اليد الناعمة وبصورة غير مباشرة لزرع إحساس لدى الناس بأن للشعبين حقا في المسجد الأقصى المبارك فكما أن للمسلمين أن يصلوا هناك - ولذلك فإن الوزارة ذاتها توفر الحافلات لهم - فان الشعور الداخلي الذي تسعى داخلية درعي لزرعه في وعي الناس هو ان لليهود أيضا حقا ان يصلوا هناك وفق ما يعتقونه "معبدهم". 
 
ومن جانب آخر فإن هذه الوزارة تسعى أيضا الى إيجاد من يقوم ببعض مما كانت تقوم به الحركة الإسلامية التي حظرتها ووفق اعتقاد هذه الداخلية ومن تمثلهم فإن هذا البعض قد يتفق مع المشاريع الإسرائيلية أو بعضها التي تطرحها الحكومة الإسرائيلية في الشارع الفلسطيني في الداخل .
 
لكن في اعتقادي فإن قضيتنا هنا في الداخل وان كانت مؤامرة دار الندوة تعتبرها حجر الزاوية في كل مشروعها فإن كل البدائل التي من الممكن ان تفكر فيها داخلية درعي لن تكون إلا صاحبة توجه إسلامي نظيف لان كل قضيانا في الداخل ممزوجة بأكثر  من مركب يجعل الناس كل الناس ويجعل كل مركبات الصحوة الإسلامية عصية على المشاريع الصهيونية التي تهدف الى تفكيك مركباتها الإسلامية والوطنية النظيفة واحدا تلو الآخر حتى تستفرد بنا كلا على حدة وحتى تستفرد بمقدسنا المسجد الأقصى على حين غفلة.
  
مرة أخرى في اعتقادي أن كل مركباتنا الوطنية والدينية وكل مركبات الصحوة الإسلامية ورجالاتها أوعى من أن يستدرجوا لهذه المخططات لأن طبيعة القضية التي نعيش وخصوصيتها تختلف عن ما هي عليه في  الخليج وفي مصر أو في الأردن أو أية بقعة جغرافية أخرى عبر العالم ، فكلنا يعي أنه مؤتمن على قضية شعب وأمة        

أضف تعقيب

ارسل

تعليقات


أذهب للأعلى